الحمد لله الذي أوضح لنا سبيل الهداية، وأزاحعن بصائرنا ظلمة الغواية، والصلاة والسلام على النبي المصطفى والرسول المجتبى،المبعوث رحمة للعالمين، وقدوة للمالكين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يومالدين.
أما بعد:
أيها المسلمون: إن من خير ما بذلت فيه الأوقات، وشغلت به الساعات هو دراسة السيرة النبوية العطرة،
والأيام المحمدية الخالدة،فهي تجعل المسلم كأنه يعيش تلك الأحداث العظام التي مرت بالمسلمين،
وربما تخيلأنه واحد من هؤلاء الكرام البررة التي قامت على عواتقهم صروح المجد ونخوة البطولة.
وفي السيرة يتعرف المسلم على جوانب متعددة من شخصية النبي الخاتم ، وأسلوبهفي حياته ومعيشته، ودعوته في السلم والحرب.
وفيها أيضاً:
يتلمس المسلمنقاط الضعف والقوة؛
وأسباب النصر والهزيمة،
وكيفية التعامل مع الأحداث وإنعظمت.
وبدراسة السيرة النبوية يستعيد المسلمون ثقتهم بأنفسهم، ويوقنونبأن الله معهم وناصرهم،
إن هم قامو بحقيقة العبودية، له والانقياد لشريعته:
'' إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ''
[محمد:7]،
'' إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِيالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ''
[غافر:51].
'' وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ''
[الحج:40].
وهذه عبارة عن رؤوس أقلام وجمل يسيرة في سيرة النبي المصطفىعليه الصلاة والسلام،
قصد بها فتح الطريق أمام ناشئة المسلمين وشبيبتهم لدراساتأعمق لهذه السيرة النبوية الخالدة.
قال الله تعالى: مُّحَمَّدٌ رَّسُولُاللَّهِ [الفتح:29].
نسبه :
هو أبو القاسم محمد بن عبد الله بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بنعبد مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بنعدنان.
هذا هو المتفق عليه في نسبه واتفقوا أيضاً أن عدنان من ولد إسماعيل عليهالسلام.
أسماؤه :
عن جبير بن مطعم أن الرسول قال:
{ إن ليأسماء، وأنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشرالذي يحشر الناس على قدميَّ، وأنا العاقب الذي ليس بعده أحد }
[متفق عليه].
وعن أبي موسى الأشعري قال: كان رسول الله يسمي لنا نفسه أسماء فقال: { أنامحمد، وأحمد، والمقفي، والحاشر، ونبي التوبة، ونبي الرحمة } [مسلم].
طهارةنسبه :
اعلم رحمني الله وإياك أن نبينا المصطفى على الخلق كله قد صان اللهأباه من زلة الزنا، فولد من نكاح صحيح ولم يولد من سفاح، فعن واثلة بن الأسقع أنالنبي قال:
{ إن الله عز وجل اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل، واصطفى من ولدإسماعيل كنانة، واصطفى من بني كنانة قريشاً، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني منبني هاشم }
[مسلم]،
وحينما سأل هرقل أبا سفيان عن نسب رسول الله قال:
{ هو فينا ذو نسب، فقال هرقل: كذلك الرسل تبعث في نسب قومها } [البخاري].
ولادته :
ولد يوم الاثنين في شهر ربيع الأول، قيل في الثاني منه،وقيل في الثامن، وقيل في العاشر، وقيل في الثاني عشر.
قال ابن كثير: والصحيحأنه ولد عام الفيل، وقد حكاه إبراهيم بن المنذر الحزامي شيخ البخاري، وخليفة بنخياط وغيرهما إجماعاً.
قال علماء السير: لما حملت به آمنة قالت: ما وجدت لهثقلاً، فلما ظهر خرج معه نور أضاء ما بين المشرق والمغرب.
وفي حديث العرباضبن سارية قال: سمعت رسول الله يقول:
{ إني عند الله في أم الكتاب لخاتمالنبيين، وإن آدم لمنجدلٌ في طينته، وسأنبئكم بتأويل ذلك، دعوة إبراهيم، وبشارةعيسى قومه، ورؤيا أمي التي رأت، انه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام } .
[أحمدوالطبراني].
وتوفي أبوه وهو حَمْل في بطن أمه، وقيل بعد ولادته بأشهر وقيلبسنة، والمشهور الأول.
رضاعه :
أرضعته ثويبة مولاة أبي لهب أياماً،ثم استُرضع له في بني سعد، فأرضعته حليمة السعدية،
وأقام عندها في بني سعدنحواً من أربع سنين، وشُقَّ عن فؤاده هناك، واستخرج منه حظُّ النفس والشيطان،
فردته حليمة إلى أمه إثر ذلك.
ثم ماتت أمه بالأبواء وهو ذاهب إلى مكةوهو ابن ست سنين، ولما مرَّ رسول الله بالأبواء وهو ذاهب إلى مكة عام الفتح،
استأذن ربّه في زيارة قبر أمه فأذن له، فبكى وأبكى من حوله وقال:
{ زورواالقبور فإنها تذكر بالموت }
[مسلم].
فلما ماتت أمه حضنته أم أيمن وهيمولاته ورثها من أبيه، وكفله جده عبد المطلب،
فلما بلغ رسول الله من العمرثماني سنين توفي جده، وأوصى به إلى عمه أبي طالب فكفله،
وحاطه أتم حياطة، ونصرهوآزره حين بعثه الله أعزّ نصر وأتم مؤازرة مع أنه كان مستمراً على شركه إلى أن مات،
فخفف الله بذلك من عذابه كما صح الحديث بذلك.
صيانة الله تعالى له مندنس الجاهلية: وكان الله سبحانه وتعالى قد صانه وحماه من صغره،
وطهره من دنسالجاهلية ومن كل عيب، ومنحه كل خُلقٍ جميل، حتى لم يكن يعرف بين قومه إلا بالأمين ،
لما شاهدوه من طهارته وصدق حديثه وأمانته، حتى أنه لما أرادت قريش تجديد بناءالكعبة في سنة خمس وثلاثين من عمره، فوصلوا إلى موضع الحجر الأسود اختلفوا فيمنيضعه أول داخل عليهم، فكان رسول الله فقالوا:
جاء الأمين، فرضوا به، فأمربثوبٍ، فوضع الحجر في وسطه، وأمر كل قبيلة أن ترفع بجانب من جوانب الثوب، ثم أخذالحجر فوضعه موضعه .
[أحمد والحاكم وصححه].
زواجه :
تزوجتهخديجة وله خمس وعشرون سنة، وكان قد خرج إلى الشام في تجارة لها مع غلامها ميسرة،
فرأى ميسرة ما بهره من شأنه، وما كان يتحلى به من الصدق والأمانة، فلما رجعأخبر سيدته بما رأى، فرغبت إليه أن يتزوجها.
وماتت خديجة رضي الله عنها قبلالهجرة بثلاث سنين، ولم يتزوج غيرها حتى ماتت،
فلما ماتت خديجة رضي الله عنهاتزوج عليه السلام سودة بنت زمعة، ثم تزوج عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما،
ولم يتزوج بكراً غيرها، ثم تزوج حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما،
ثمتزوج زينب بنت خزيمة بن الحارث رضي الله عنها،
وتزوج أم سلمة واسمها هند بنتأمية رضي الله عنها،
وتزوج زينب بنت جحش رضي الله عنها،
ثم تزوج رسول اللهجويرية بنت الحارث رضي الله عنها،
ثم تزوج أم حبيبة رضي الله عنها واسمها رملةوقيل هند بنت أبي سفيان.
وتزوج إثر فتح خيبر صفية بنت حييّ بن أخطب رضي اللهعنها،
ثم تزوج ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها، وهي آخر من تزوج رسول الله .
أولاده :
كل أولاده من ذكر وأنثى من خديجة بنت خويلد، إلا إبراهيم،فإنه من مارية القبطية التي أهداها له المقوقس.
فالذكور من ولده:
القاسم وبه كان يُكنى، وعاش أياماً يسيرة، والطاهر والطيب.
وقيل: ولدتله عبدالله في الإسلام فلقب بالطاهر والطيب.
أما إبراهيم فولد بالمدينة وعاشعامين غير شهرين ومات قبله بثلاثة أشهر.
بناته :
زينب وهي أكبر بناته،وتزوجها أبو العاص بن الربيع وهو ابن خالتها،
ورقية تزوجها عثمان بن عفان رضيالله عنه،
وفاطمة تزوجها علي بن أبي طالب فأنجبت له الحسن والحسين سيدا شبابأهل الجنة،
وأم كلثوم تزوجها عثمان بن عفان بعد رقية رضي الله عنهن جميعاً.
قال النووي:
فالبنات أربع بلا خلاف. والبنون ثلاثة على الصحيح.
مبعثه :
بعث لأربعين سنة، فنزل عليه الملك بحراء يوم الاثنين لسبععشرة ليلة خلت من رمضان،
وكان إذا نزل عليه الوحي اشتد ذلك عليه وتغيّر وجههوعرق جبينه.
فلما نزل عليه الملك قال له:
اقرأ.. قال: لست بقارئ، فغطاهالملك حتى بلغ منه الجهد، ثم قال له: اقرأ.. فقال: لست بقارئ ثلاثاً. ثم قال: اقْرأْ بِاسْمِ رَبّكَ الَّذي خَلَقَ، خَلَقَ الإنسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْورَبُّكَ الأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الإنسَانَ مَا لَمْيَعْلَمْ
[العلق:1-5].
فرجع رسول الله إلى خديجة رضي الله عنها يرتجف،فأخبرها بما حدث له، فثبتته وقالت:
أبشر، وكلا والله لا يخزيك أبداً، إنك لتصلالرحم، وتصدق الحديث، وتحملُّ الكَلَّ، وتعين على نوائب الدهر.
ثم فترالوحي، فمكث رسول الله ما شاء الله أن يمكث لا يرى شيئاً، فاغتم لذلك واشتاق إلىنزول الوحي،
ثم تبدى له الملك بين السماء والأرض على كرسيّ، وثبته، وبشره بأنهرسول الله حقاً،
فلما رآه رسول الله خاف منه وذهب إلى خديجة وقال: زملوني.. دثروني، فأنزل الله عليه:
يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ، قُمْ فَأَنذِرْ،وَرَبَّكَ فَكَبِّر، وَثِيَابَكَ فَطَهِّر
[المدثر:1-4].
فأمر الله تعالىفي هذه الآيات أن ينذر قومه، ويدعوهم إلى الله، فشمَّر عن ساق التكليف،
وقام فيطاعة الله أتم قيام، يدعو إلى الله تعالى الكبير والصغير، والحر والعبد، والرجالوالنساء، والأسود والأحمر،
فاستجاب له عباد الله من كل قبيلة ممن أراد اللهتعالى فوزهم ونجاتهم في الدنيا والآخرة،
فدخلوا في الإسلام على نور وبصيرة،فأخذهم سفهاء مكة بالأذى والعقوبة، وصان الله رسوله وحماه بعمه أبي طالب،
فقدكان شريفاً مطاعاً فيهم، نبيلاً بينهم، لا يتجاسرون على مفاجأته بشيء في أمر رسولالله لما يعلمون من محبته له.
قال ابن الجوزي:
وبقي ثلاث سنين يتستربالنبوة، ثم نزل عليه:
'' فاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَر ''
[الحجر:94].
فأعلنالدعاء. فلما نزل قوله تعالى:
'' وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ ''
[الشعراء:214]، *
خرج رسول الله حتى صعد الصفا فهتف ( يا صباحاه! )
فقالوا: من هذا الذي يهتف؟
قالوا: محمد! فاجتمعوا إليه فقال:
( أرأيتملو أخبرتكم أن خيلاً تخرج بسفح هذا الجبل أكنتم مصدقي؟
قالوا ما جربنا عليككذباً.
قال: فإني نذير لكم بين يديعذاب شديد.
فقال أبو لهب: تباً لك، أماجمعتنا إلا لهذا؟ ثم قام، فنزل قوله تعالى:
تَبَّتْ يَدَا أبِي لَهَبٍ وَتَبْإلى آخر السورة.
[متفق عليه].
صبره على الأذى: ولقي الشدائد من قومهوهو صابر محتسب، وأمر أصحابه أن يخرجوا إلى أرض الحبشة فرارا من الظلم والاضطهادفخرجوا.
قال ابن إسحاق:
فلما مات أبو طالب نالت قريش من رسول الله منالأذى ما لم تطمع فيه حياته، وروى أبو نعيم عن أبي هريرة قال:
{ لما مات أبوطالب تجهَّموا رسول الله فقال: يا عم ما أسرع ما وجدت فقدك }.
وفيالصحيحين: أنه كان يصلي، وسلا جزورٍ قريب منه، فأخذه عقبة بن أبي معيط، فألقاه علىظهره،
فلم يزل ساجداً، حتى جاءت فاطمة فألقنه عن ظهره، فقال حينئذ:
{ اللهمعليك بالملأ من قريش }.
وفي أفراد البخاري: أن عقبة بن أبي معيط أخذ يوماًبمنكبه ، ولوى ثوبه في عنقه، فخنقه به خنقاً شديداً،
فجاء أبو بكر فدفعه عنهوقال أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله؟
رحمته بقومه:
فلما اشتد الأذىعلى رسول الله بعد وفاة أبي طالب وخديجة رضي الله عنها، خرج رسول الله إلى الطائففدعا قبائل ثقيف إلى الإسلام،
فلم يجد منهم إلا العناد والسخرية والأذى، ورموهبالحجارة حتى أدموا عقبيه، فقرر الرجوع إلى مكة. قال :
{ انطلقت – يعني منالطائف – وأنا مهموم على وجهي، فلم استفق إلا وأنا بقرن الثعالب – ميقات أهل نجد –
فرفعت رأسي فإذا سحابة قد أظلتني، فنظرت، فإذا فيها جبريل عليه السلام، فنادانيفقال:
إن الله قد سمع قول قومك لك، وما ردّوا عليك، وقد أرسل لك ملك الجباللتأمره بما شئت فيهم، ثم ناداني ملك الجبال،
قد بعثني إليك ربك لتأمرني بماشئت، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين – جبلان بمكة – فقال رسول الله :
بل أرجوأن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً } [متفق عليه].
وكان رسول الله يخرج في كل موسم، فيعرض نفسه على القبائل ويقول:
{ منيؤويني؟ من ينصرني؟ فإن قريشاً قد منعوني أن أبلغ كلام ربي! }.
ثم أن رسولالله لقي عند العقبة في الموسم ستة نفر فدعاهم فأسلموا، ثم رجعوا إلى المدينة فدعواقومهم، حتى فشا الإسلام فيهم،
ثم كانت بيعة العقبة الأولى والثانية، وكانتسراً، فلما تمت أمر رسول الله من كان معه من المسلمين بالهجرة إلى المدينة، فخرجواأرسالاً.
هجرته إلى المدينة:
ثم خرج رسول الله هو وأبو بكر إلىالمدينة فتوجه إلى غار ثور، فأقاما فيه ثلاثاً، وعني أمرهم على قريش،
ثم دخلالمدينة فتلقاه أهلها بالرحب والسعة، فبنى فيها مسجده ومنزله.
غزواته :
عن ابن عباس قال: لما خرج رسول الله من مكة قال أبو بكر: أخرجوا نبيهم إنالله وإنا إليه راجعون، لَيهَلِكُنَّ، فأنزل الله عز وجل:
''أُذِنَ للَّذينَيُقَاتَلُنَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ''
[الحج:39].
وهي أول آية نزلت فيالقتال. وغزا رسول الله سبعاً وعشرين غزاة، قاتل منها في تسع:
بدر، وأحد،والريسيع، والخندق، وقريظة، وخيبر، والفتح، وحنين، والطائف، وبعثَ ستاً وخمسينسرية.
حج النبي واعتماره: لم يحج النبي بعد أن هاجر إلى المدينة إلا حجةواحدة، وهي حجة الوداع.
فالأولى عمرة الحديبية التي صدّه المشركون عنها.
والثانية عمرة القضاء،
والثالثة عمرة الجعرانة،
والرابعة عمرته معحجته.
صفته :
كان رسول الله ربعة، ليس بالطويل ولا بالقصير، أزهراللون - أي أبيض بياضاً مشرباً بحمرة - أشعر،
أدعج العينين –أي شديد سوادهما – أجرد –أي لا يغطي الشعر صدره وبطنه -،
ذو مَسرُبه – أي له شعر يكون في وسطالصدر والبطن.
أخلاقه :
كان أجود الناس، وأصدقهم لهجة، وألينهمطبعاً، وأكرمهم عشرة، قال تعالى:
'' َإنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظيمٍ ''
[القلم:4].
وكان أشجع الناس وأعف الناس وأكثرهم تواضعاً، وكان أشد حياء منالعذراء في خدرها،
يقبل الهدية ويكافئ عليها، ولا يقبل الصدقة ولا يأكلها، ولايغضب لنفسه، وإنما يغضب لربه،
وكان يأكل ما وجد، ولا يدُّ ما حضر، ولا يتكلف مالم يحضره، وكان لا يأكل متكئاً ولا على خوان،
وكان يمر به الهلال ثم الهلال ثمالهلال، وما يوقد في أبياته نار، وكان يجالس الفقراء والمساكين ويعود المرضى ويمشيفي الجنائز.
وكان يمزح ولا يقول إلا حقاً، ويضحك من غير قهقهة، وكان فيمهنة أهله، وقال:
{ خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي }
[الترمذي وصححهالألباني]،
قال أنس بن مالك رضي الله عنه: خدمت رسول الله عشر سنين فما قاللشيء فعلته: لم فعلته، ولا لشيء لم أفعله، ألا فعلت كذا!!.
وما زال يلطفبالخلق ويريهم المعجزات، فانشق له القمر، ونبع الماء من بين أصابعه، وحنَّ إليهالجذع، وشكا إليه الجمل، وأخبر بالغيوب فكانت كما قال.
فضله :
عنجابر بن عبدالله أن النبي قال:
{ أعطيت خمساً لم يعطهن أحدٌ قبلي: نصرت بالرعبمسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل،وأحلت لي الغنائم ولم تحل قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه، وبعثتإلى الناس كافة }
[متفق عليه].
وفي أفراد مسلم من حديث أنس عن النبي أنهقال:
{ أنا أول الناس يشفع يوم القيامة، وأنا أكثر الأنبياء تبعاً يوم القيامة،وأنا أول من يقرع باب الجنة }.
وفي أفراده من حديث أبي هريرة عن النبي أنه قال:
{ أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشقُّ عنه القبر، وأول شافع وأولمُشفع }.
عبادته ومعيشته :
قالت عائشة رضي الله عنها:
{ كانرسول الله يقوم حتى تتفطر قدماه، فقيل له في ذلك، فقال: أفلا أكون عبداً شكوراً }
[متفق عليه]،
وقالت: وكان مضجعه الذي ينام عليه في الليل من أَدَمَ محشوّاًليفاً!! وفي حديث ابن عمر قال:
لقد رأيت رسول الله يظلُّ اليوم يَلتَوي ما يجددِقْلاً يملأ بطنه – والدقل ردئ التمر -!!
ما ضره من الدنيا ما فات وهو سيدالأحياء والأموات، فالحمد لله الذي جعلنا من أمته، ووفقنا الله لطاعته، وحشرنا علىكتابه وسنته آمين، آمين.
من أهم الأحداث:
الإسراء والمعراج: وكانقبل الهجرة بثلاث سنين وفيه فرضت الصلاة.
السنة الأولى:
الهجرة - بناءالمسجد - الانطلاق نحو تأسيس الدولة - فرض الزكاة.
السنة الثانية:
غزوةبدر الكبرى وفيها أعز الله المؤمنين ونصرهم على عدوهم.
السنة الثالثة:
غزوة أحد وفيها حدثت الهزيمة بسبب مخالفة تعليمات النبي ونظر الجنود إلىالغنائم.
السنة الرابعة:
غزوة بني النضير وفيها أجلى رسول الله يهودبني النضير عن المدينة لأنهم نقضوا العهد بينهم وبين المسلمين.
السنةالخامسة:
غزوة بني المصطلق وغزوة الأحزاب وغزوة بني قريظة.
السنةالسادسة:
صلح الحديبية، وفي هذه السنة حُرّمت الخمر تحريماً قاطعاً.
السنة السابعة:
غزوة خيبر، وفي هذه السنة دخل رسول الله والمسلمون مكةواعتمروا، وفيها أيضاً تزوج رسول الله صفية بنت حُيَيّ.
السنة الثامنة:
غزوة مؤتة بين المسلمين والروم، وفتح مكة وغزوة حُنين ضد قبائل هوازن وثقيف.
السنة التاسعة:
غزوة تبوك وهي آخر غزواته ، وفي هذه السنة قدمت الوفودعلى رسول الله ودخل الناس في دين الله أفواجاً، وسمي هذا العام عام الوفود.
السنة العاشرة:
حجة الوداع، و حج فيها مع النبي أكثر من مائة ألف مسلم.
السنة الحادية عشرة:
وفاة رسول الله وكان ذلك في يوم الاثنين من شهرربيع الأول مع اختلاف في تحديد هذا اليوم من الشهر.
وتوفي وله من العمر ثلاثوستون سنة، منها أربعون سنة قبل النبوة، وثلاث وعشرون سنة نبياً رسولاً،
منهاثلاث عشرة سنة في مكة، وعشر سنين بالمدينة، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
المصادر:
- تهذيب الأسماء واللغات للنووي.
- التبصرةوالحدائق لابن الجوزي.
- زاد المعاد لابن القيم.
- السيرة النبويةللذهبي.
- جوامع السيرة النبوية لابن حزم.
- الفصول في سيرة الرسول (ابن كثير).
- صحيح السيرة النبوية، إبراهيم العلي.
وأصلي علىالنبي الأكرم محمد بن عبدالله وما كان من صواب فمن الله عز وجل وما كان من خطأ فمنيومن الشيطان
المصدر: منتديات بنات الثانويه - من قسم: المنتدى الاسلامي , مواضيع اسلامية , فتاوي